بقلم وزير المالية الاردني الأسبق د محمد ابو حمور… المجلس الوطني لتكنولوجيا المستقبل ومستقبل الوظائف ..
انشاء المجلس الوطني لتكنولوجيا المستقبل يمثل خطوة متقدمة لمواجهة التحديات المستقبلية والبناء على ما تم إنجازه ويضم في عضويتة نخبة من القيادات الواعدة في هذا المجال.
خاصة وأن أعمال هذا المجلس تحظى برعاية ملكية سامية واهتمام شخصي من سمو ولي العهد المعظم.
وما يتميز به الأردن من إمكانيات فنية وبشرية في قطاع التكنولوجيا، وأعمال المجلس ستشكل نوعاً من الاستجابة والاستعداد المسبق للتعامل مع المتغيرات المتوقعة مما يمكن من اقتناص الفرص المستقبلية لنهضة الأردن ومواصلة مسيرة التحديث الشامل.
وفي هذا الاطار لا بد من الإشارة الى أن العالم يشهد اليوم تطورات جوهرية أوجدت مفاهيم جديدة وتغيراً لافتاً في نوعية الوظائف ومتطلبات اشغالها.
وهذا ما بينه ” تقرير مستقبل الوظائف 2025″ الذي أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي أوائل الشهر الحالي ، ويتوقع التقرير أن الاضطراب سوف يصيب 22% من الوظائف في عام 2030، وأنه سيتم توليد 170 مليون وظيفة وإلغاء 92 مليون وظيفة، أي بزيادة 78 مليون وظيفة.
وسوف تشكل التغيرات والتطورات التكنولوجية أبرز المحركات التي ستعيد تشكيل الصناعات والمهن حول العالم.
ويشير التقرير الى أن اتجاهات الذكاء الاصطناعي التوليدي والتغيرات التكنولوجية السريعة ستخلق فرصاً غير مسبوقة ومخاطر عميقة، خاصة وأن فجوة المهارات ستشكل العقبة الأهم أمام تمكين الاعمال من الاستجابة والتأقلم مع المتغيرات.
ومن المتوقع أن الطلب على المهارات التكنولوجية في ميادين الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة والشبكات والأمن السيبراني هو الأسرع نمواً، كما أن الجمع بين المهارات التكنولوجية مع مهارات التفكير التحليلي والقدرة على التكيف والقيادة والتعاون سيكون الأكثر طلباً في كثير من الوظائف الناشئة.
ومن المؤكد أن الجهود التي ستبذلها الجهات المنضوية في المجلس الوطني لتكنولوجيا المستقبل سوف تنعكس ايجاباً على نوعية الاستثمارات في قطاع تكنولوجيا المعلومات لتنسجم مع التطورات المستقبلية المتوقعة.
كما انها ستولد مزيداً من فرص العمل النوعية والمستدامة لتساهم بذلك في التخفيف من البطالة التي يعاني منها العديد من أصحاب المؤهلات العلمية.
ويؤمل أيضاً ان تساهم في دعم المشاريع الريادية وتمكين الشباب وان ترفع من نسب مشاركة المرأة في سوق العمل.
وكل ذلك يصب في مصلحة الاقتصاد الوطني وصولاً الى تحقيق مستهدفات رؤية التحديث الاقتصادي في تحسين مستوى معيشة المواطنين وتوليد فرص العمل، وكذلك تحديث القطاع العام وتأمين خدماته الأساسية بأسرع وقت وأقل كلفة ممكنة وبما يتوافق مع التشريعات ذات العلاقة.
الاستعداد لمواجهة المستقبل والقدرة على الاستفادة مما سيوفره من فرص وما قد يفرضه من تحديات يتطلب عملاً دؤوباً ومخلصاً من مختلف الجهات ذات العلاقة وفي اطار من المشاركة الفاعلة المستندة الى تناغم وتكامل بين المؤسسات الرسمية ورجال الاعمال والمؤسسات التعليمية والأكاديمية وبما يؤمن استثمارات نوعية ومبادرات ريادية وقوى بشرية ذات مؤهلات عالية تمكنها من التكيف والاستفادة من الفرص المستقبلية.
ولغايات ضمان توفر الظروف الموضوعية لنجاح هذه الشراكة من المهم أن نعمل على تحقيق العدالة وتعزيز الشفافية والحوكمة الرشيدة وترسيخ سيادة القانون ومواصلة مسيرة الإصلاح والتحديث.